يُعتبر الشيخ محمود خليل الحصري واحدًا من أشهر قراء القرآن الكريم في العالم الإسلامي، وأحد أبرز الأصوات التي تركت أثرًا عميقًا في قلوب المسلمين عبر الأجيال.
وُلد الشيخ الحصري في 17 سبتمبر 1917 بقرية شبرا النملة في محافظة الغربية بمصر، ونشأ في بيئة محبة للقرآن الكريم، حيث حفظ القرآن في سن مبكرة وأظهر نبوغًا واضحًا في تجويده وتلاوته.
بدأ الشيخ الحصري مشواره مع القرآن في الكُتّاب، ثم التحق بالمعهد الديني في طنطا، حيث درس علوم القرآن والتجويد.
تميز منذ صغره بإتقانه لأحكام التلاوة وتمكنه من القراءات العشر، مما جعله محل إعجاب أساتذته وزملائه، وفي عام 1944، حصل على إجازة في القراءات العشر من الأزهر الشريف، ليكون بذلك أحد أبرز المتخصصين في هذا العلم.
اشتهر الشيخ الحصري بصوته العذب وأسلوبه الفريد في التلاوة، حيث كان يتميز بوضوح مخارج الحروف ودقة تطبيق أحكام التجويد.
وكانت تلاوته تجمع بين الجمال الصوتي والإتقان العلمي، مما جعله قادرًا على إيصال المعاني القرآنية بكل وضوح وقوة.
وقد كان له دور كبير في نشر القراءات الصحيحة للقرآن الكريم، حيث سجل المصحف المرتل برواية حفص عن عاصم، وهو أول من سجل المصحف المرتل بتقنية الستريو.
كان الشيخ الحصري أول من سجل المصحف المرتل في العالم، وقد تم بث تسجيلاته عبر الإذاعات العربية والإسلامية، مما ساهم في انتشار صوته في جميع أنحاء العالم. كما كان له دور كبير في تعليم القرآن الكريم، حيث قام بتسجيل العديد من المصاحف التعليمية التي تُستخدم حتى اليوم في تعليم التجويد والقراءات.
على الصعيد الشخصي، كان الشيخ الحصري يتمتع بخلق رفيع وسمعة طيبة، حيث كان معروفًا بتواضعه وحبه للخير.
كان يعتبر تلاوة القرآن رسالة سامية، وكان حريصًا على تعليم الناس أحكام التلاوة والتجويد. وقد شغل منصب شيخ عموم المقارئ المصرية، وكان عضوًا في لجنة مراجعة المصاحف بالأزهر الشريف.
توفي الشيخ محمود خليل الحصري في 24 نوفمبر 1980، تاركًا وراءه إرثًا عظيمًا من التسجيلات القرآنية والمصحف المرتل الذي لا يزال يُذاع حتى اليوم.
كان له أسلوب خاص في التلاوة، حيث كان يمتلك قدرة فريدة على تجسيد المعاني القرآنية وإيصالها إلى قلوب المستمعين. وقد قال عنه الشيخ محمد متولي الشعراوي: “كان الشيخ الحصري قارئًا مجودًا، وصوته كان يلامس القلب قبل الأذن”.
باختصار، يُعتبر الشيخ محمود خليل الحصري أحد أعلام التلاوة القرآنية الذين تركوا أثرًا كبيرًا في تاريخ الإسلام. كان صوته رسالة سماوية أعادت للناس صلتهم بالقرآن الكريم، وأصبحت تسجيلاته مرجعًا للقراء والمتعلمين في كل مكان. رحم الله الشيخ الحصري، الذي كان وما زال صوتًا يذكرنا بعظمة القرآن وجماله.