مع اقتراب الإعلان عن وقف إطلاق النار في غزة، تتواصل المساعي الدولية لتذليل العقبات الأخيرة التي تعترض هذا الاتفاق المهم. يأتي ذلك بعدما أخطرت فرق التفاوض الإسرائيلية وحماس الوسطاء بقبولهم مبدئيًا مقترح صفقة التبادل، ويعمل الجانبان على وضع اللمسات النهائية على التفاصيل المتعلقة بتنفيذ الاتفاق.
إحدى القضايا الرئيسية التي لم يتم الانتهاء منها بعد هي المعايير الدقيقة لانسحاب جيش الاحتلال من قطاع غزة، إذ لا يزال الوسطاء ينتظرون خريطة من إسرائيل توضح ذلك. ونقلت صحيفة “هاآرتس” عن مصدر إسرائيلي أن المفاوضات بشأن اتفاق وقف إطلاق النار مستمرة، وإن إسرائيل لم تتلق بعد رد حماس على المسودة الأخيرة، كما نفى المصدر تقريرًا يفيد بأن الحركة لم تسلم ردها للوسطاء بعد، لأن إسرائيل لم تقدم خرائط لانسحاب قواتها.
من جهته، ذكر مصدر فلسطيني لوكالة “رويترز” أنه تم التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة، لكن تأخر إعلانه بسبب خلافات حول آليات التنفيذ. وأشار إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حاول في اللحظة الأخيرة تخريب الاتفاق وتأخير تقدمه عبر إصراره على إدراج الجنود الإسرائيليين الأسرى لدى حماس في قائمة الأسرى الـ33 الذين سيتم إطلاق سراحهم في المرحلة الأولى من الاتفاق.
وبالرغم من هذه العقبات، توقعت المصادر أن يتم إعلان الاتفاق اليوم الأربعاء أو غدًا الخميس، في شكل بيان مشترك من دول الوساطة مصر وقطر والولايات المتحدة. وأوضحت المصادر أن صفقة التبادل المكونة من ثلاث مراحل تشبه إلى حد كبير الاقتراح الذي قدمته إسرائيل في مايو الماضي. الاتفاق المؤلف من ثلاث مراحل يتضمن المرحلة الأولى التي تستمر 42 يومًا، حيث سيتم إطلاق سراح 33 من المحتجزين المتبقين من النساء والأطفال وكبار السن والمرضى، مقابل إطلاق سراح نحو ألف أسير فلسطيني. كما ستنسحب إسرائيل جزئيًا من غزة، في حين ستسهم في تسهيل دخول 600 شاحنة من المساعدات الإنسانية إلى القطاع يوميًا.
المرحلة الثانية ستشهد إطلاق سراح المحتجزين الأحياء المتبقين، وتختتم بإعلان انتهاء الأعمال العدائية بشكل دائم، وستشهد المرحلة الثالثة إطلاق سراح الجثث التي لا تزال تحتجزها حماس. وستبدأ فرق التفاوض في اليوم السادس عشر من المرحلة الأولى محادثات بشأن شروط المرحلة الثانية، التي ستركز أيضًا على الأطر اللازمة لإدارة غزة بعد الحرب.
على أرض الواقع، تواصلت الهجمات بين الجانبين في الأيام الأخيرة. أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي أن سلاح الجو التابع له هاجم نحو 50 هدفًا في مختلف أنحاء قطاع غزة خلال 24 ساعة، مما أسفر عن سقوط شهداء وجرحى. في مدينة دير البلح وسط قطاع غزة، استشهد 11 فلسطينيًا وأصيب آخرون بجروح خطيرة في قصف الاحتلال لمنزل يعود لعائلة شاهين. كما استشهد فلسطينيان آخران في قصف منزل يعود لعائلة الخطيب بدير البلح.
وفي مدينة رفح الفلسطينية جنوب قطاع غزة، استشهد 5 فلسطينيين بينهم امرأة و4 أصيبوا بجروح، إثر قصف الاحتلال لمنزل لعائلة شعت. وفي مخيمي النصيرات والبريج وسط القطاع، استشهد 7 فلسطينيين وأصيب آخرون بجروح جراء قصف الاحتلال لمنزل عائلة نصار. كما استشهد فلسطيني وزوجته من عائلة الشيشنية وأصيب آخرون إثر قصف استهدف منزلًا في مخيم البريج.
وفي مدينة غزة، استشهد 7 فلسطينيين وأصيب آخرون من عائلة الحرازين في قصف استهدف مدرسة “الفارابي”، التي تؤوي نازحين. كما استشهد عدد من الفلسطينيين وأصيب آخرون إثر قصف الاحتلال “النادي الأهلي” الذي يؤوي نازحين في حي الشيخ رضوان شمال مدينة غزة.
يذكر أن قوات الاحتلال تواصل عدوانها على قطاع غزة، برًا وبحرًا وجوًا، منذ السابع من أكتوبر 2023، مما أسفر عن استشهاد 46,645 فلسطينيًا وإصابة 110,012 آخرين، بينما لا يزال آلاف الضحايا تحت الركام وفي الطرقات، ولا تستطيع طواقم الإسعاف والإنقاذ الوصول إليهم.