أكد المخرج خالد يوسف، أن تأثره بالمخرج الراحل يوسف شاهين لم يكن مجرد تأثر بمعلم كبير أو أب روحي، لكن كان أبعد من ذلك بكثير، خاصة أنه عاش في كنفه 20 عامًا.
وأوضح «يوسف»، خلال حواره مع «بودكاست المحروسة»، تقديم الكاتب الصحفي أحمد سالم، أنه يمكنه القول أن الـ20 عامًا التى قضاها إلى جوار يوسف شاهين كانت علاقتهما فريدة من نوعها، معبرًا: «أقول عليها كمان جملة تبقي غريبة شوية، إن أنا كنت ابن له لمدة 10 سنين، وكنت أب 10 أخرى، لأن العشر سنين الأولى كنت الابن وهو اللى بيرعانى، وهو تعب بعد 10 سنين فبقيت أنا الأب، بقيت أطبطب عليه لما يتعصب، حتى لما يتعصب وانا مش موجود يجبوني مخصوص جري عشان الأستاذ متعصب، فطبطب عليه كدة وأقوله مين اللى مضايقك بس، ده انا هيطلع عينه، قولى بس شاورلي، فكنت في حياة يوسف شاهين الأخيرة يعتبر – مجازا يعني – يعتبر أنا أبوه، والعشر سنين الأولى أنا ابنه وبس».
وأشار إلى أنها كانت تجربة ثرية إنسانياً، وفتحت لي أبوابًا كبيرة للمعرفة والفهم، كنا مختلفين تماماً في أفكارنا ومواقفنا؛ فأنا ابن جيل يحمل أفكارًا معينة حول العنف، بينما شاهين كان ينتمي لجيل تميز بالقدرة على التسامح والتواصل مع الآخرين بغض النظر عن الدين أو الجنسية، مستطردًا: «فتحلي منافذ معرفة كبرى، من تجربته الثرية جداً، لأننا ويوسف شاهين كنا مختلفين تماماً، أنا ابن الجيل اللى طلع منتاش عنيف، لانك فى النهاية منتاش عدو حد، لازم يبقالك عدو زي إسرائيل مثلاً، والدم والثأر وده الجيل اللى انا طلعت بيه».
ولفت إلى أن «شاهين»، ساهم في تصحيح مفاهيمه حول التفرقة بين الشعوب والسياسات، وأدركت الفرق بين الشعوب والحكومات، وتعلمت أن أوجه عدائي يجب أن تكون موجهة ضد السياسات الظالمة وليس ضد الشعوب، وهذه التجربة لم تؤثر فقط على معرفتي بالسينما وأساسياتها، بل شملت أيضًا تطوير تجربتي الإنسانية بشكل كبير، لأنه كان ابن جيل الثلاثينات والأربعينات، حيث كانت جميع الأديان والجنسيات تتعايش بسلام دون أن يسأل أحد عن دين أو جنسية الآخر، وهذا ما منح يوسف شاهين قدرة مذهلة على التسامح والتواصل مع الآخرين، ليس بسبب شيء خاص به، بل بحكم تكوينه ونشأته. أما أنا، فلم أكن أمتلك هذه القدرة الفطرية، و”شاهين” أثر فيَّ بطريقة عميقة، حيث بدأ يصلح مفاهيمي ويغير مواقفي العدائية تجاه الآخرين، خاصة الغرب، دون أن يقول لي مباشرة إنه يفعل ذلك، من خلال ملاحظتي لتجربته، أدركت الفرق بين الشعوب والحكومات، وأن عدائي يجب أن يكون موجهًا ضد السياسات وليس ضد الشعوب.
وتابع :«كان لدي مواقف عنيفة تجاه بعض السياسات، لكنه قام بتهذيبها على المستوى الإنساني، وتأثير يوسف شاهين لم يكن مقتصرًا على تعليمي فنون السينما فقط، بل شمل أيضًا أسس وقيم إنسانية عميقة، لقد علمني السينما من الأساس، بدءًا من الحمض في المعمل وطرق تمييزه، حتى تفاصيل عرض الأفلام في السينما، ولكن الأهم من ذلك كله، كانت تجربته الإنسانية الثرية التي أثرت في حياتي بشكل كبير، كانت تلك التجربة بمثابة نافذة جديدة للفهم والتسامح، ورؤية الآخر من منظور مختلف، بعيدًا عن العداء والعدوان، وتأثير شاهين على حياتي كان عميقًا ويمتد إلى ما هو أبعد من السينما، ليشمل القيم الإنسانية والتجربة الحياتية بشكل عام».
خالد يوسف هو واحد من أشهر المخرجين في السينما المصرية المعاصرة. وُلد في 28 سبتمبر 1964 في قرية كفر شكر بمحافظة القليوبية. بدأ مسيرته الفنية كمساعد للمخرج الكبير يوسف شاهين، والذي كان له تأثير كبير على تطوره الفني.
من أهم أفلام خالد يوسف:
العاصفة (2000): تناول فيه قصة نكسة 1967 وتأثيرها على المجتمع المصري.
جواز بقرار جمهوري (2001): فيلم كوميدي رومانسي يتناول قصة حب بين شاب فقير وفتاة غنية.
أنت عمري (2005): فيلم درامي يروي قصة حب مؤثرة بين شخصين يعانيان من مرض خطير.
حين ميسرة (2007): يتناول فيه قضية العشوائيات والفقر المدقع في مصر.
دكان شحاتة (2009): يروي قصة شاب يبحث عن العدالة والحق في مواجهة الظلم والفساد.
كارما (2018): يتناول فيه قضايا الفساد والعدالة الاجتماعية.
أسلوب خالد يوسف الإخراجي يتميز بقدرته على تناول القضايا الاجتماعية الحساسة بجرأة وواقعية، مما جعله يحظى بشعبية كبيرة وإشادة من قبل النقاد والجمهور على حد سواء، ويستخدم أدوات سينمائية تعبر عن الواقع المصري بكل تفاصيله.
التعاون مع يوسف شاهين
بدأ خالد يوسف مسيرته الفنية بالتعاون مع المخرج الكبير يوسف شاهين، حيث عمل كمساعد مخرج في عدة أفلام من بينها “المهاجر” (1994) و”المصير” (1997). هذه التجربة أثرت بشكل كبير على أسلوبه الإخراجي وطريقة تناوله للقضايا الاجتماعية.
الجوائز والتكريمات:
حصل خالد يوسف على العديد من الجوائز والتكريمات عن أعماله السينمائية، منها جائزة أفضل مخرج في مهرجانات محلية ودولية. كما حصل على إشادة واسعة من النقاد والجمهور.
الأنشطة السياسية:
بالإضافة إلى مسيرته السينمائية، كان خالد يوسف نشطًا في الحياة السياسية، حيث شغل منصب عضو في مجلس النواب المصري. استخدم شهرته ونفوذه للدفاع عن القضايا التي يؤمن بها، مثل العدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان.
التأثير الثقافي:
تأثرت أفلام خالد يوسف بالأوضاع الاجتماعية والسياسية في مصر، وساهمت في تسليط الضوء على قضايا هامة مثل الفقر والفساد والقمع. يعد خالد يوسف من أبرز الأصوات الفنية التي تعبر عن واقع المجتمع المصري.