لا شك أن التاريخ المصري، يضم الكثير من قراء القرآن الكريم، الذين سحروا الناس بأصواتهم، وحجزوا أماكنهم في قلوب المسلمين.
ويقدم موقع “المحروسة” سلسلة بعنوان أصوات من السماء، يرصد فيها نبذات عن أشهر القراء.
وحلقة اليوم مع عملاق التلاوة الشيخ عبد الباسط عبد الصمد.
الميلاد والنشأة
وُلد الشيخ عبد الباسط عبد الصمد في عام 1927 بقرية المراعزة التابعة لمحافظة قنا في صعيد مصر.
نشأ في بيئةٍ محبة للقرآن الكريم، حيث كان والده من الحافظين للقرآن، مما أثر في تشكيل علاقته المبكرة بالكتاب العزيز.
أتم حفظ القرآن في سن العاشرة، وبدأ في تلقي علوم التجويد والقراءات على يد شيوخ قريته.
الانطلاق نحو العالمية
اشتهر الشيخ عبد الباسط عبد الصمد بصوته العذب وأدائه الفريد لتلاوة القرآن الكريم، مما جعله أحد أبرز القراء في مصر والعالم الإسلامي.
في عام 1951، ذاع صيته بعد مشاركته في الإذاعة المصرية، حيث أذهل المستمعين بتلاوته التي جمعت بين الخشوع وقوة الأداء.
سجل العديد من التلاوات التي انتشرت في كل أنحاء العالم، وأصبح أحد الأصوات الأكثر تميزًا في تاريخ التلاوة.
الإنجازات والرحلات
تمتع الشيخ عبد الباسط بشعبية واسعة، فسافر إلى العديد من الدول العربية والإسلامية لتلاوة القرآن في المناسبات الدينية والرسمية.
كما زار دولًا غير إسلامية مثل الولايات المتحدة وفرنسا، حيث كان لصوته تأثيرٌ كبير في تعريف غير المسلمين بجمال القرآن الكريم.
و كان أول رئيس لاتحاد قراء العالم الإسلامي، وساهم في تأسيس العديد من المسابقات القرآنية التي تشجع على حفظ القرآن وتجويده.
ونال عدة ألقاب أهمها “صاحب الحنجرة الذهبية وكروان الجنة وصوت مكة”
الأسلوب الفني
تميز الشيخ عبد الباسط بأسلوبٍ فريد في التلاوة، حيث جمع بين قوة الصوت وروعته، مع مراعاة أحكام التجويد والوقف والابتداء.
كان يمتلك قدرةً فائقة على نقل المشاعر عبر صوته، مما جعل تلاوته تلامس قلوب المستمعين. اشتهر بتلاوته لسورتي “الرحمن” و”يس”، والتي لا تزال تُذاع حتى اليوم.
الإرث والتأثير
تُوفي الشيخ عبد الباسط عبد الصمد في 30 نوفمبر 1988، تاركًا وراءه إرثًا عظيمًا من التلاوات التي لا تزال تُسمع في كل أنحاء العالم. يُعتبر أحد أعمدة مدرسة التلاوة المصرية، وأحد أكثر القراء تأثيرًا في القرن العشرين.
ترك بصمةً لا تُنسى في قلوب ملايين المسلمين، ولا يزال صوته يُعتبر “صوتًا من السماء” يُذكر الناس برحمة الله وجمال كلامه.
وفي الختام نؤكد أن الشيخ عبد الباسط عبد الصمد لم يكن مجرد قارئ للقرآن، بل كان سفيرًا للقرآن الكريم، ناقلًا لجماله وروحانيته إلى كل من سمعه.
صوته الخالد يظل شاهدًا على عظمة القرآن، وذكرى تُحيي القلوب وتُذكّر بالآخرة.